كتب - شريف سمير :
بإرادة صلبة وإصرار علي بقاء النوع والحفاظ علي نقاء السلالة، يخرج آلاف الأجنة من بطون أمهاتهم في غزة وهم لايبالون بأصوات القصف ورائحة الدمار التي تحاصرهم من الخارج .. ووسط الأوضاع المأساوية التي يعيشها المدنيون بسبب القصف الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي، يروي أحد الأطباء قصته مع مواطن "أب" ينتظر مع زوجته الحامل مولودهما الجديد، ولا يملك الذهاب إلى المستشفي لإتمام عملية الولادة والإفراج عن السجين البرئ!!
** ولادة عبر الهاتف!
وتفاجأ الطبيب المتخصص في التوليد بمدينة نابلس في الضفة الغربية، باتصال هاتفي بعد الثانية من منتصف الليل، جاءه من منطقة جباليا الواقعة في قطاع غزة، وكان المتصل هو الأب طالبا مساعدة طبية لإتمام حالة الولادة داخل مخيم للنازحين، بينما معظم مستشفيات غزة خارج نطاق الخدمة!.
** الطبيب المنقذ!
ولأنه طبيب رغم المحن والأهوال، فلم يتردد فى الاستجابة لأى إغاثة.. وقال :"بدأت بإعطاء الأب المتصل الإرشادات عبر الهاتف، وأرشدته إلى طريقة ربط الحبل السري ومن ثم قطعه، وكيفية إخراج المشيمة والتعامل مع المولود ووضعه في حضن أمه لتتولى إرضاعه وتخفيف النزيف الذي تتعرض له".
ورأى الطبيب المنقذ أن الحالة الفلسطينية استثنائية، مشيرا إلى أنه تعامل في السابق مع حالات مماثلة، وكثيرا ما كان يضطر في ظل الإغلاقات وعدم قدرة النساء على الوصول إلى المستشفيات للتوجه إليهن سيرا على الأقدام لتقديم المساعدة لهن في بيوتهن، وأضاف :"عايشت مثل هذه المواقف خلال أيام الانتفاضة الفلسطينية، حيث كان يُمنع المرور بالسيارات ويُسمح فقط بالسير على الأقدام".
** 50 ألف سيدة حامل!
وقدّر صندوق الأمم المتحدة للسكان في تقرير له عدد النساء الحوامل في قطاع غزة ب 50 ألف سيدة، وأضاف أن 5500 امرأة وضعنا أطفالهن الرضع خلال شهر واحد فى ديسمبر الماضى وسط ظروف إنسانية شديدة القسوة والظلم.
ويقدر الصندوق عدد حالات الولادة اليومية بنحو 180 حالة تضطر فيها النساء لوضع مواليدهن في ظل كارثة شبه كاملة، وحذر الصندوق من أنه مع اكتظاظ المستشفيات بالضحايا ونقص الوقود الأساسي والأدوية والإمدادات الأساسية، سيتم حرمان العديد من السيدات من خدمات الولادة الآمنة .. ولكن "نطفة" النضال الفلسطينية تأبى أن تيأس أو تقبل الموت فى رحمها!!.